مشروع تعديل قانون الوقف الإسلامي المثير للجدل: طعنة متعمدة في ظهر مسلمي الهند

اسم الكاتب : فريق من الجزيرة، ترجمة: حسين محمد نعيم الحق
المشاهدات : 1107
اعتمد البرلمان الهندي بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا، ذي التوجه الهندوسي المتطرف، مشروع تعديل قانون الوقف المثير للجدل بتاريخ 3 أبريل 2025، وقد أدى ذلك إلى تباين في المواقف السياسية في الهند، باعتباره انتهاكًا صارخًا للدستور الهندي العلماني وضربًا متعمدًا لمصالح المسلمين، أكبر أقلية دينية في البلاد، وقد نشر موقع الجزيرة نت مقالين مهمين يناقشان الأبعاد المختلفة لهذا القانون، أحدهما قبل اعتماد مشروع القانون، والثاني بعد اعتماد المشروع، وأردنا نشر المقالين بعد ترجمتهما من الإنجليزية إلى العربية بالترتيب ذاته؛ للوقوف على خطورة هذا المشروع وآثاره المدمرة على الأقلية المسلمة في هذا البلد، والذين يمثلون 14% من مجموع سكانها.
المقال الأول المنشور بتاريخ 6 ديسمبر 2024
لماذا يثير تعديل قانون الوقف الإسلامي لعام 1995 قلق مسلمي الهند
بقلم فريق الجزيرة
ترجمة حسين محمد نعيم الحق
أثار اقتراح الحكومة الهندية، ذات التوجه القومي الهندوسي، تعديل المدونة القانونية التي تحكم الأوقاف الإسلامية في البلاد، مخاوف كبيرة وردود فعل غاضبة في أوساط الأقلية المسلمة.
وتقول حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي: إنها تهدف إلى القضاء على الفساد في طريقة عمل هيئات الأوقاف، التي تشرف على هذه الممتلكات، من أجل تحسين كفاءتها. ويقول حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم: إن التعديلات المقترحة ضرورية للإصلاح، غير أن المنتقدين يرون أن هذه الخطوة قد تجعل ممتلكات الوقف التي وقفها المسلمون على مدى قرون عديدة معرضة للنزاع والضياع بشكل كبير. وتشمل هذه الممتلكات الوقفية مؤسسات دينية، ومساجد، ومحال تجارية، وأضرحة، ومقابر، وآلاف الأفدنة من الأراضي.
فما الأوقاف؟ ومن يديرها؟ ولماذا تريد الحكومة الهندية الحالية تغيير هيئات الوقف؟
ما الوقف؟
الوقف عبارة عن ممتلكات شخصية، منقولة أو ثابتة، يتبرع بها المسلمون بشكل دائم لأغراض دينية أو خيرية، وهو تقليد شائع بين المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم، ويعود تاريخه إلى أكثر من 14 قرنًا، وكان جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية والدينية للمسلمين في الهند منذ القرن الثاني عشر الميلادي.
ويمكن إنشاء الوقف من خلال وثيقة رسمية، أو تبرع شفهي، أو من خلال استخدامٍ طويل الأمد لممتلكات معينة لأغراض دينية أو خيرية.
وبمجرد إعلان الوقف، فإن هذه الممتلكات تُنسَب إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن بيعه أو استخدامه لأغراض أخرى خارجة عن شروط الواقف.
يقول الأكاديمي والخبير القانوني فيضان مصطفى: الوقف عنصر رئيس في الحضارة الإسلامية... وفكرة الثقة القانونية الغربية مأخوذة من مفهوم الوقف الإسلامي.
وتوجد هناك ثلاثة أنواع من الوقف، وهي:
1. الوقف العام: وهو يشمل المدارس والمستشفيات.
2. الوقف الذري: وهو يسمح بمشاركة عائدات الوقف مع أسرة المتبرع وذريته.
3. الوقف الخاص أو المختلط: وهو يمكن أن يُخصص لمجموعة معينة، كالطلاب، حيث يجمع هذا النوع من الوقف بين الاستخدام الخاص والعام.
وفي السياق الهندي، تنتشر ممتلكات الوقف على مساحة تقارب مليون فدان (حوالي 1562.5 ميل مربع)، أي ما يعادل ضعف مساحة جزيرة موريشيوس. وتُدار هذه الممتلكات من قبل 32 هيئة وقفية حكومية على مستوى الولايات والأقاليم الاتحادية.
وتتكون هذه الهيئات من ممثلين حكوميين، ونواب مسلمين (حاليين أو سابقين)، وعلماء، والقائمين على إدارة الوقف (المتولين)، ويجب أن يكون جميع الأعضاء من المسلمين.
ويشرف المجلس المركزي للوقف (CWC) على الهيئات الوقفية في الولايات، ويُعيَّن أعضاؤه من قِبل الحكومة الفيدرالية، حيث يُنتخب بعضهم، يُعيَّن الآخرون، ويجب أن تكون هناك امرأتان على الأقل ضمن الأعضاء.
كيف نظِّم الوقف تاريخيًا في الهند؟
يُنظَّم الوقف حاليًا وفقًا لقانون الوقف لعام 1995، غير أن الإطار القانوني للوقف بدأ منذ عام 1913 مع قانون "اعتماد أوقاف المسلمين" في عهد الاستعمار البريطاني، ثم قانون الوقف لعام 1923.
وبعد الاستقلال، صدر قانون الوقف المركزي عام 1954، ثم استُبدل بالقانون الحالي لعام 1995 لتنظيم إدارة الممتلكات الوقفية. وقد تم آخر تعديلات هذا القانون عام 2013، حيث شددت هذه التعديلات الحماية القانونية للأوقاف، وأدرجت عقوباتٍ بالسجن في حالة التعدي، ومنعت البيع أو التنازل أو الرهن أو تحويل ممتلكات الوقف. وشملت هذه التعديلات إمكانية تبرع وقف غير المسلمين أيضًا، لكن مشروع القانون الحالي يلغى هذا البند.
وقد منحت دستور الهند حقوقًا خاصة للأقليات الدينية للحفاظ على هويتهم وثقافتهم، حيث تكفل المادة 26 حق إنشاء المؤسسات الدينية والخيرية وإدارتها من قبل الأقليات الدينية، كما تمنع الدولة من التدخل في قضايا الأحوال الشخصية لهذه الجماعات، كالزواج، والطلاق، والميراث. غير أن حزب بهاراتيا جاناتا الحالي يرى أن قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين، والقائمة على أحكام الشريعة الإسلامية، تتعارض مع المادة 14 التي تنص على المساواة أمام القانون.
ما التعديلات المقترحة من قبل الحكومة على قانون الوقف لعام 1995؟
اقترح مشروع القانون الحالي (والذي تمّ تمريره في البرلمان الهندي بتاريخ 4 أبريل 2025) أكثر من 40 تعديلًا، وهي تهدف إلى نقل صلاحيات إدارة الوقف من الهيئات الوقفية إلى حكومات الولايات.
ففي حين ينص قانون 1995 على أنه يجب أن يكون أعضاء هيئات الوقف ومدراؤها التنفيذيون مسلمين، اقترحت التعديلات الحالية السماح لغير المسلمين بأن يكونوا أعضاء فيها، مع أنه في حالة الهيئات الدينية الأخرى، يُشترَط أن يكون المدير التنفيذي منتميًا إلى الدين نفسه.
كما ينص قانون الوقف لعام 1995 على أن حل النزاعات الخاصة بالوقف يتم من خلال محكمة وقفية تشكلها الدولة، وتضم قاضيًا، ومسؤولًا إداريًا، وخبيرًا في القانون الإسلامي، وتكون قراراتها نهائية. لكنه، وفقًا للتعديلات الحالية، يمكن الطعن في قرارات المحكمة الوقفية أمام المحاكم العليا، مع إزالة البند الخاص باشتراط وجود خبير في القانون الإسلامي، وفي هذا يقول سيد محمود أختر، المسؤول السابق بوزارة شؤون الأقليات: إن المحكمة الوقفية أُنشئت لتخفيف العبء عن المحاكم العادية، وكانت تهدف إلى أن تكون جهة قضائية متخصصة.
وتُظهر البيانات أن هناك 40,951 قضية معلقة أمام المحاكم الوقفية، منها 9,942 قضية رفعتها الجالية المسلمة ضد هيئات الوقف نفسها.
ومن أبرز التعديلات المثيرة للقلق في مشروع القانون الحالي: إزالة صفة الوقف عن الممتلكات التي يستخدمها الناس باعتبارها وقفًا منذ قرون، دون وثائق رسمية. ويُقدِّر الخبراء أن نحو 60٪ من ممتلكات الوقف في الهند تندرج تحت هذا النوع من الوقف.
ويقول الخبير القانوني فيضان مصطفى: إن العديد من الأوقاف عمرها 500 إلى 600 عام؛ لذلك قد لا تتوفر وثائق رسمية لهذه الأوقاف، وبالتالي يخشى المسلمون أن تصبح مقابرهم ومساجدهم ومدارسهم عرضة للنزاعات القانونية بسبب هذه التعديلات الجديدة.
كما يقضي مشروع القانون الجديد بأن أي ممتلكات حكومية صُنفت سابقًا على أنها وقفًا سيتمّ إزالتها من قائمة الأوقاف، وبهذا الصدد يقول مالك معتصم خان، نائب رئيس الجماعة الإسلامية في الهند: إن ممتلكات الوقف تدار فعلًا بحسب القانون، وتحت رعاية الحكومات المركزية والفيدرالية، حيث إن جميع الإجراءات تتم تحت إشراف القانون والحكومة، ولا يوجد أي مشكلة في القانون الحالي، وإنما تكمن المشكلة في عقلية الحكومة الحالية ذاتها.
لماذا تريد الحكومة إصلاح قوانين الوقف؟
تقول الحكومة بأن أسباب التعديلات الحالية تشمل قلة التنوع في هيئات الوقف، ووجود فساد وسوء إدارة، وعدم إمكانية تعديل الوقف (لأنه دائم).
ومن ثم يقترح مشروع القانون سحب حق هيئات الوقف في رفع دعاوى ضد التعدي على ممتلكات الوقف، رغم وجود 58,929 حالة تعدٍ ضد هذه الممتلكات، وفقًا لبيانات حكومية.
ويعترف بعض علماء المسلمين بوجود سوء إدارة وفساد أدى إلى تدني الإيرادات، لكنهم يقولون: إن الحكومة لا تسعى لإصلاح هذه المشاكل، بل لسيطرة الدولة على الوقف، وقد ينتهي الأمر بتعيين أغلبية غير مسلمة في مجالس الوقف.
وقد أُحيل مشروع القانون إلى لجنة برلمانية مشتركة بعد احتجاجات من المعارضة، وكان من المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها بحلول 20 ديسمبر، لكن جرى تمديد الموعد حتى جلسة الميزانية في فبراير 2025.
وقال عاطف رشيد، ممثل الحزب الحاكم لشؤون المسلمين المتخلفين (باسماندا): إن الادعاءات بأن المساجد أو المقابر سيتم الاستيلاء عليها غير صحيحة، وإن التعديلات تهدف إلى تعزيز الشفافية من خلال الرقمنة والتدقيق. كما دافع عاطف عن فكرة إشراك غير المسلمين في هيئات الوقف باعتبارها امتدادًا للعلمانية الهندية.
وقال وزير شؤون الأقليات كيرين ريجيجو: إن بعض الجهات تنشر معلومات كاذبة عن رغبة الحكومة في الاستيلاء على أراضي المسلمين، وهذا يجب أن يتوقف.
وأضاف أن بعض المؤسسات الإسلامية أيدت مشروع القانون؛ لأنه يعالج قضايا الفساد والتعدي غير القانوني على الأراضي.
أما أرشاد مدني، رئيس جمعية علماء الهند، فقد قال خلال تجمع في ولاية بيهار: دستور الهند العلماني منح المسلمين حرية كاملة في اتباع قوانينهم الشخصية المستمدة من القرآن والسنة.
وأضاف: إذا قال رئيس الوزراء اليوم إنه لا مكان للوقف في الدستور، فربما يقول غدًا إنه لا مكان للصلاة والصيام والحج والزكاة، وبالتالي يجب حظرها.
لماذا يحتجّ المسلمون ضد مشروع تعديل قانون الوقف؟
يقول القادة والنشطاء المسلمون: إن التعديلات المقترحة تسلب المسلمين حقوقهم الدستورية في إدارة مؤسساتهم، وقد تؤدي إلى مصادرة آلاف الأفدنة من الأراضي الوقفية.
قالت سعدية خان، طالبة علوم اجتماعية من نيودلهي (28 عامًا): هناك مشاكل إدارية ترتبط بالأوقاف، غير أن هذا لا يعني تجريد المسلمين من حقوقهم الدينية تمامًا.
وأضافت: نحتاج إلى إصلاحات حقيقية، ولكن بعد التشاور مع المعنيين، وهذا لم يحدث.
وقال مجیب الرحمن، مؤلف كتاب شكوى الهند: المستقبل السياسي لمسلمي الهند: إن الأوقاف تحتاج إلى إصلاحات إدارية، لكن ليس بالشكل الذي يطرحه الحزب الحاكم.
وقال كمال فاروقي، المتحدث باسم هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في الهند: إن الغرض من تعديل قانون الوقف ليس القضاء على الفساد، بل تدمير المؤسسات التي تنهض بالمجتمع المسلم.
وأشار إلى أن الحكومة تسعى إلى إذلال أكبر أقلية في البلاد؛ لاسترضاء القاعدة التصويتية الكبرى... إنها خطة لتقسيم البلاد.
وأضاف مجيب الرحمن، الأستاذ في جامعة جامعة الملية الإسلامية: في ولايات عديدة، مثل أوتار براديش، قد تستخدم الحكومة هذه التعديلات لاستهداف أماكن عبادة المسلمين التي تفتقر إلى وثائق ملكية.
والجدير بالذكر أن ولاية أوتار براديش تضمّ 40 مليون مسلم، وهي الأكبر من حيث عدد ممتلكات الوقف، حيث تحتوي على 162,229 عقارًا وقفيًا، وتُحكم هذه الولاية من قبل الحاكم اليميني التابع لحرب بهاراتيا جاناتابارتي يوغي أديتياناث، وتعرَّض فيها المسلمون للتمييز العنصري المؤسسي المتزايد.
وقال الخبير القانوني مصطفى: إن التعديلات ستقلّص بشكل كبير من صلاحيات هيئات الوقف. وإن الناس يظنون أن هيئات الوقف مؤسسات خاصة بالمسلمين، لكنها في الحقيقة كيانات قانونية تابعة للدولة، ومعظم أعضائها تُعينهم الحكومة.
ما هي قيمة ممتلكات الوقف؟
وفقًا للبيانات الحكومية، هناك 807,000 عقارًا وقفيًا موزعة على 904,000 فدان، وتقدّر قيمتها الإجمالية بحوالي 14 مليار دولار.
ويتركز معظم هذه الممتلكات في ولايات، مثل البنغال الغربية، وأوتار براديش، وكيرالا، وأندرا براديش، وكارناتاكا.
ويُلاحظ أن العديد من هذه الممتلكات تقع في المناطق الحضرية، خصوصًا في مراكز المدن، وتبلغ قيمتها السوقية أضعاف قيمتها المسجلة في السجلات الرسمية.
فعلى سبيل المثال، ذكر تقرير لجنة ساشر، الذي ترأسه القاضي رازندر ساشر، عام 2006 أن قيمة الأوقاف في نيودلهي وحدها تجاوزت 720 مليون دولار، لكنها لم تُدرّ سوى 19.5 مليون دولار سنويًا – أي حوالي 2.7٪ فقط.
ولم يُجرَ تقييم لاحق لقيمة الأوقاف منذ تقرير 2006، لكن أسعار الأراضي ارتفعت بشكل كبير، ويتوقع المحللون أن قيمة الأوقاف قد ارتفعت أيضًا بشكل ملحوظ.
المقال الثاني المنشور بتاريخ 3 أبريل 2025
مجلس النواب الهندي يقرّ مشروع قانون مثير للجدل بشأن الأوقاف الإسلامية
بقلم فريق الجزيرة
ترجمة حسين محمد نعيم الحق
أقر مجلس النواب في البرلمان الهندي مشروع قانون مثير للجدل، قدمته حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ذات التوجه القومي الهندوسي؛ لتعديل مدونة القانون التي تنظم الأوقاف الإسلامية، والتي تُقدَّر قيمتها بأكثر من 14 مليار دولار.
ينص مشروع القانون على إضافة أعضاء غير مسلمين إلى هيئات إدارة الأوقاف، كما يمنح المشروع الحكومة دورًا كبيرًا في التحقق من ملكية أراضي هذه الأوقاف. والجدير بالذكر هنا أن "الأوقاف" تشير إلى الممتلكات الشخصية، سواء أكانت منقولة، أو ثابتة، التي يقفها المسلمون بشكل دائم لأغراض دينية أو خيرية.
وتزعم حكومة حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الحاكم أن التعديلات المقترحة على قانون الوقف لعام 1995 تهدف إلى مكافحة الفساد وسوء الإدارة، إلى جانب تعزيز التنوع. غير أن المسلمين يعبّرون عن مخاوفهم بأن تجعل هذه الخطوة ممتلكات الأوقاف، مثل المساجد التاريخية، والمحال التجارية، والمقامات والأضرحة، والمقابر، وآلاف الأفدنة من الأراضي، معرّضة للمصادرة أو النزاع أو الضياع.
وفي يوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2025، شهد مجلس النواب نقاشًا حادًا وجدلًا واسعًا حول مشروع القانون المقترح، حيث وصفت المعارضة، بقيادة حزب المؤتمر، المشروع بأنه غير دستوري وتمييزي ضد المسلمين.
ومع المقاومة الشديدة من قبل المعارضة، تمكن حزب بهاراتيا جاناتا من تمرير مشروع القانون، بمساعدة حلفائه، على الرغم من عدم امتلاكه الأغلبية في المجلس، حيث صوّت 288 نائبًا لصالح المشروع، في حين عارضه 232 نائبًا آخر، وذلك في الساعات الأولى من يوم الخميس.
ومن المقرر أن يُناقش مشروع القانون اليوم، الخميس، في مجلس الشيوخ بالبرلمان. وفي حال إقراره، سوف يحال المشروع إلى رئيسة الجمهورية دروبادي مورمو للمصادقة عليه؛ ليصبح قانونًا نافذًا.
تعديلات مثيرة للجدل على قواعد الملكية
وكان من ضمن أكثر التعديلات إثارة للجدل في هذا المشروع ما يتعلق بقواعد ملكية الأوقاف، وهذا ما قد يؤثر على مئات المساجد والمقامات والمقابر، لا سيما أن كثيرًا منها تفتقر إلى الوثائق الرسمية، حيث وقفها أصحابها بل عقود، أو حتى قرون، وهي لا تمتلك سجلات قانونية.
ويخشى الكثير من مسلمي الهند من أن الحكومة، ذات التوجه القومي الهندوسي، قد تتمكن بشكل أكبر من السيطرة على ممتلكات المسلمين من خلال هذا القانون، لا سيما في ظل تزايد الاعتداءات عليهم في عهد مودي، والتي تشمل كل شيء، من الطعام واللباس إلى الزواج بين الأديان.
"انتهاك صارخ للحقوق الدستورية"
تنتشر الأوقاف الإسلامية في الهند على مساحة واسعة تقارب مليون فدان (نحو 1562.5 ميل مربع)، أي ما يقارب ضعف مساحة جزيرة موريشيوس. وتُدار هذه الأوقاف من قبل 32 هيئة وقفية أنشأتها الحكومة في الولايات والأقاليم الاتحادية.
وتتكوّن الهيئات الوقفية في كل ولاية من ممثلين عن الحكومة، ونواب مسلمين (حاليين أو سابقين في حال عدم وجود نواب حاليين)، وعلماء، والمدراء التنفيذيين (المتولّين). ويشترط أن يكون جميعهم من المسلمين بحسب قانون الوقف لعام 1995.
وقال وزير الداخلية الهندي أميت شاه خلال جلسة النقاش البرلمانية يوم الأربعاء: إن إدراج غير المسلمين في هيئات الأوقاف يهدف إلى تسهيل الإدارة فقط، ولا يهدف إلى التدخل في الشؤون الدينية. وسيقوم هؤلاء الأعضاء غير المسلمين بمراقبة سيرورة الإدارة وفق القانون، وأن التبرعات تُستخدم في الأغراض المخصصة لها.
وفي منشور على منصة X، قال راهول غاندي، زعيم المعارضة البارز: إن مشروع القانون "سلاح يهدف إلى تهميش المسلمين، والاستيلاء على قوانينهم الشخصية وحقوقهم في الملكية"، محذرًا من أن "هذا القانون الذي يستهدف المسلمين اليوم، يفتح الباب لاستهداف مجتمعات أخرى في المستقبل".
وقد ردّ أميت شاه عليه قائلًا: نحن لا نرعب المسلمين، بل أنتم من ترعبونهم، وأؤكد أنه لن يُصاب أي مواطن بسوء في هذا البلد، بغض النظر عن دينه، متهمًا المعارضة بنشر "الأوهام والشائعات".
رفض كبار المؤسسات الإسلامية لمشروع القانون
وقد رفضت هيئة الأحوال الشخصية لمسلمي عموم الهند (AIMPLB)، إحدى أهم المؤسسات الإسلامية في البلاد، مشروع القانون واصفةً إياه بأنه "تمييزي، ذو دوافع طائفية، وانتهاك صارخ للحقوق الدستورية للمواطنين المسلمين".
وقالت الهيئة: إن المشروع المقترح سيقوّض استقلالية هيئات الأوقاف، ودعت المواطنين للنزول إلى الشوارع في حال تمرير القانون، كما أعلنت عزمها اللجوء إلى القضاء.
وقال كمال فاروقي، أحد أعضاء الهيئة: لا بأس في تخصيص مقعدين لغير المسلمين في هيئات الأوقاف، غير أن المسلمين هل سيحصلون على تمثيل مماثل في هيئات إدارة المعابد الهندوسية؟ الحكومة تريد السيطرة على 'بنك الأراضي الإسلامية' وليس من حقها تقويض مؤسساتنا.
وقد طالبت جماعات هندوسية متطرفة سابقًا بالسيطرة على عدة مساجد في أنحاء الهند، بادعاء أنها بُنيت على أنقاض معابد هندوسية، وقد هدم حشد هندوسي متطرف مسجد بابري الذي يقع في مدينة أيوديا شمالي البلاد عام ١٩٩٢، والذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر، ولا تزال قضايا مماثلة مرفوعة في المحاكم الهندية حتى اليوم.
ويُشكّل المسلمون 14% من سكان الهند البالغ عددهم إلى 1.4 مليار نسمة، ويمثلون أكبر أقلية دينية في هذا البلد ذي الغالبية الهندوسية. كما أنهم يمثلون الطبقة الأشد فقرًا، وفقًا لمسح حكومي أُجري عام 2013.
وكان تقرير صادر عن "لجنة ساشر" المعيّنة من قبل الحكومة عام 2006، قد أوصى بإصلاح شامل لهيئات الأوقاف، وتعزيز الرقابة على ممتلكاتها؛ لتحقيق عائدات أعلى لصالح المجتمع المسلم.
الصورة لجامع دهلي الكبير، وهو أحد المعالم الوقفية البارزة في الهند
التعليقات
يوجد 0 من التعليقاتلا يوجد تعليقات