أزمة الخليج، وحل يرضي الطرفين
اسم الكاتب : د.نايف بن نهار - أستاذ في جامعة قطر
المشاهدات : 39150
لم يبق أمام دول الخليج سوى خيارين؛ إما الرجوع إلى الإطار الخليجي أو انهيار هذا الإطار وبدء مرحلة "حرب الخليج الباردة" التي ستشهد انطلاقة تحالفات عابرة للإقليم بحثًا عن إطار بديل.
شخصيًا أنا ضد الخيار الثاني؛ لأنَّه باهظ التكلفة، ومجهول المآل، لكنه سيكون خيارًا حتميًا ومنطقيًا في حال فشل الخيار الأول. ومقالتي هنا تأتي في سياق تدعيم الخيار الأول والتسويق له؛ أي كيف يُمكن أن نحافظ على الإطار الخليجي بأقل قدر من الخسائر.
صدر بيانٌ مشترك عن الدول الأربع في اجتماعها الأخير في القاهرة يتضمَّن ستة مبادئ، وفي اعتقادي الشخصي أنَّ هذه المبادئ الستة تتمتع بالحد الأدنى من المنطقية والواقعية بما يؤهلها أن تكون الأرضية المشتركة لانطلاق حوار جديد بين أطراف الأزمة الخليجية.
المبادئ الستة التي تحدث عنها بيان الدول الأربعة كالآتي:
أولاً: الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب
ثانيًا: إيقاف أعمال التحريض
ثالثًا: الالتزام باتفاق الرياض
رابعًا: الالتزام بمخرجات القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض
خامسًا: الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
سادسًا: مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب
لا أدري عن موقف صانع القرار القطري من هذه المبادئ، لكن في اعتقادي أنَّ هذه المبادئ هي الحل الأمثل وتكاد تكون المخرج الوحيد المتبقي للخروج من الأزمة، لا سيما أنَّ هذه المطالب تتصف بثلاث صفات جوهرية:
الصفة الأولى: أنها متسقة مع قواعد القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.
الصفة الثانية: أنَّها قابلة للتنفيذ والترجمة على أرض الواقع.
الصفة الثالثة: أنها عامة غير تفصيلية، وبذلك أعطت للحوار والتفاوض هامشا كافيا لإنجاز أرضية مشتركة.
لأجل اتصاف تلك المبادئ الستة بهذه الصفات فهي صالحة لتمثّل نقطة الانطلاق، لكن هذه المطالب تحتاج أن تحصل على مناعة قانونية ومنطقية تحول دون إصابتها بمرض التوظيف السياسي والأيدلوجي الذي قد يصدر من أي طرف من أطراف الأزمة.
وحتى تتحقق هذه المناعة لتلك المطالب، فإنه يجب التعويل على شرطين:
الشرط الأول: أن يكون الجانب الإجرائي والتطبيقي لهذه المبادئ متفقًا مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، فلا يمكن ترجمة هذه المبادئ على أرض الواقع بصورة تخالف ما تقرر في القانون الدولي.
وتاليًا، أي قوائم إرهاب يجب أن تكون معتمدة على الأقل من قبل مجلس التعاون، ولا يصح إلزام أي طرف خليجي بتبني أي قائمة تصدرها أي دولة أخرى إلا إذا أقرها مجلس التعاون أو أي منظمة دولية ينتمي لها جميع الأطراف. فلا يحق لأي دولة أو دول أن تفرض رؤيتها على دولة أخرى بمعزل عن الإطار المؤسسي الذي يشكّل مرجعًا قانونيًا للدول.
الشرط الثاني: ألا تكون هناك ازدواجية معايير في تطبيق هذه المبادئ. فلا يعقل أن تطالب قطر بعدم دعم الإخوان في حين هناك من دول الحصار من يدعمهم، ولا يُعقل أن تُطالب قطر بعدم إيواء أي شخص يسيء لأي دولة خليجية في الوقت الذي نجد فيه بعض دول الحصار تستضيف من يسيء للملكة العربية السعودية. فالالتزام إما أن يكون من الجميع أو لا يكون.
أعتقد أنَّ المبادئ الستة وفقًا لهذين الشرطين يمكن أن تُقدَّم على أنها مبادرة ترتضيها جميع الأطراف الخليجية، وتكون أرضيةً لحوار جاد حول آليات تنفيذ هذه المبادئ.
ماذا عن الضامن؟
يبقى هنا سؤال الضامن، أي من الذي يضمن التزام دول الخليج ببنود هذه الاتفاقية؟ لا سيما مع اتهام الدول الثلاث قطر بأنها لا تلتزم باتفاقياتها.
إذا فقدت دول الخليج الثقة في بعضها إلى هذا المستوى، وهو أمر مؤسف، فلا مفر حينئذ من التعويل على لجنة دولية تشرف على هذه الاتفاقية وتشكّل ضامنًا دوليًا لتنفيذها، بعضوية خماسية من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا أو غيرها من الدول ممن ترتضيه أطراف الأزمة الخليجية. وهو عملٌ يشابه عمل اللجنة الرباعية الدولية التي تأسست في مدريد عام 2002 للإشراف على النزاع في الشرق الأوسط، وهي بعضوية كلٍّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة.
إذن الحل يكمن في المبادئ الستة التي ذكرتها الدول الأربع، وفي تقييد تلك المبادئ بشرطين اثنين يضمنان عدم توظيف هذه المبادئ توظيفًا سياسيًا حين تُترجم على أرض الواقع، وأن تكون هناك لجنة دولية ضامنة لتنفيذ هذه الاتفاقية.
التعليقات
يوجد 3 من التعليقاتخالد باسليمان
بسم الله الرحمن الرحيم الحل في غاية الإنصاف والعقلانية اذا جُرد من سياقة المقاصدي ، علينا ان لاننسى ان الأزمة مفتعله و تخفي اهداف غير معلنه ، منها ماهو مرتبط بسياسات دولة قطر وانشطتها في الفترة المرافقة لتواجدها على الساحة الإقليمية ، ومنها ماهو مرتبط بمشروع لاأرغب في تسميته حتى لا أكون من المتأثرين بنظرية الموامرة ، لكني اجزم ان المملكة العربية السهودية هي الهدف ، وأخص بالذكر امكانياتها الأقتصادية ومؤسستها الدينية ، فإمكانياتها الإقتصادية يجب ان تحجم وتنسجم مع الإرادة الدولية لا ان تكون قادرة على الإستقلالية ، وبتالي ابعاد القدرة القطرية ومنعها من التلاحم مع القدرة السعودية هدف يضمن مصالح المستفيدين من انعدام تأثيرهما سويا . سيما وان الألتحام وتطوير المنظومة الخليجية كان وشيكا. اما مؤسستها الدينية فالهدف تفكيكها حتى لا تعود قادره على زعامة العالم الأسلامي فيفقد الأسلام مركزيته وتزداد المؤسسات الدينية وتتشتت قراراتها على طول العالم الإسلامي ، وينتفي الإجماع الإسلامي بالكلية ، فتتوغل مشاريع التهجير والتغير الديوغرافي وغيرها من مشاريع تمس عقائد الإسلام بأريحية ودون شجب أو استنكار ، لذلك لن يسمح المستفيدين للأزمة بحدوث مصالحة خليجية من دون التأكد التام بأنه لاماجال لقيام قدرة اقتصادية خليجية قادرة على التاثير في مجريات الأمور ، ولا قدرة على حشد إسلامي ، واعتقد بأن الهدفين تحققا ظاهرايا وينتظر ترسيخهما منهجيا بإتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد وملزمة ومناهج تعليمية تلبي طموحات انفتاحية حداثية حاضرة غائبة ، ومن ثم ستحدث مصالحه خليجية بإيعاز أمريكي أو دولي ، سيقود الجميع لقبول خسائر وتنازلات مربحه للغرب وامريكا ، وربما بشروط لاجمه للجميع. أتمنى ان أكون قاربت الحقيقة.
شدى العنيبي
عبدالرحمن ال عباط
طرح عقلاني منصف ربما لم اقرؤه من غيرك من قبل وتأكد يا دكتور ان مثلك من سوف يتم تهميشها واستبدالها بذات الاصوات التي كانت سببا في الازمة مثل عزمي بشارة و جمال ريان و محمد الصغير . في نهاية المطاف هناك مشروع قائم منذ سنوات عديدة و كوادره تقف على الحدود السعودية القطرية وهدفه ان لا يمر الخطاب مباشرة بين البلدين بل لابد ان يضعوا بصمتهم على كل خطاب يعبر الحدود ، فيعتمدون خطابا ويقدمونه ويرفضون الاخر فيهمشونه .